Arabic Tafsir - surat al Fatiha ( 21st May, 2013)



بسم الله الرحمن الرحيم
التفسير والتدبّر في فاتحة الكتاب

مقدمة عن السورة:
هذه السورة مكية، و آياتها سبع بالإجماع
تسمي الفاتحة لأنها تُفتتح بها في الصلوات، و كذلك تُسمّي الفاتحة لإفتتاح الكتاب العزيز بها، حيث أنها أول القرآن في الترتيب لا في النزول.
إن جمال الفاتحة و سرّها يكمن في إشتمالها علي جميع معاني القرآن وأهدافه، فكتاب الله يدور حول ثلاثة محاور هي:
المحور الأول: العقيدة الصحيحة، وهي الإيمان بوجود الله ووحدانيته وال اليوم الآخر
المحور الثاني: العبادات والشعائر
المحور الثالث: المنهج (إفعل ولا تفعل) والدعاء و قصص السابقين.
و قد اشتملت الفاتحة علي هذه الأهداف الثلاثة، ففي محور العقيدة يقول الحق تبارك و تعالي (الحمد لله رب العالمين . . الرحمن الرحيم . . مالِكِ يوم الدين) – فالتوحيد والإيمان باليوم الآخر هما أساس عقيدة الإسلام، و يقول الحق تبارك وتعالي (إيّاكَ نَعبُدُ و إِيّاكَ نستعين) وهذه هي العبادة، وفي منهج حياة المسلم يقول الحق ( إهدِنا الصِراطَ المستقيم . . صِراطَ الّذينَ أَنعمتَ عليهِم غير المغضوبِ عليهِم ولا الضالّين)،،ثم يأتي القرآن الكريم كلّه بعد سورة الفاتحة، و يسير في المحاور الثلاثة المجموعة في الفاتحة.
و من هنا نعلم لماذا سُمِّيَت بالفاتحة، لأنها مفتاح القرآن، فيها تفتتح كل سورة من سورة، فكل معاني القرآن فيها، فلو جائت قبل أي سورة لوجدنا المعني مُتِّصل ومتكاملاً، لذلك فإننا نبدأ الصلاة بالفاتحة ثم نقرأ أي سورة بعدها و يبقي المعني متصلاً، ولذلك يقول (ابن القيِّم): إنَّ الله تعالي أنزل مائة صحيفة جُمِعَ معانيها في ثلاث كتب: هي التوراه والزبور الإنجيل، وجُمِعَ معاني هذه الكتب الثلاثة في القرآن الكريم، وجُمِعَ معاني القرآن الكريم في الفاتحة في (إيّاكَ نَعبُدُ وإيّاكَ نستعين)، فالفاتحة قد حَوَت معاني القرآن، واشتملت علي مقاصده الأساسية بالإجمال، فهي تتناول أُصول الدين وفروعه، تتناول العقيدة والعبادة والتشريع والإعتقاد واليوم الآخر والإيمان بصفات الله الحُسني و إفراده بالعبادة والإستعانة والدعاء والتوجه إليه جَلّ وعلا بطلب الهِداية إلي الدين الحق والصراط المستقيم والتضرُّع إليه بالتثبيت علي الإيمان ومنهج سبيل الصالحين و تجنُّب طريق المغضوب عليهم والضالّين، وفيها الأخبار عن قصص الأُمم السابقين، و فيها التعبُّد بأمر الله سبحانه و نهيه إلي غير ذلك، فهي كالأُم بالنسبة لبقية السور الكريمة، ولهذا تُسمّي بأُم الكتاب لأنها جمعت مقاصده الأساسية.

من أسمائها:
أُم القرآن - السبع المثاني – القرآن العظيم – الحمد – الصلاة – الشفاء – الرُقيه – أساس القرآن – الواقية – الكافية – الكتاب
فضلها:
ورد في فضل سورة الفاتحة أحاديث كثيرة، منها:
روي الإمام أحمد في السند أن رسول الله صلّي الله عليه وسلّم قال: [والذي نفسي بيده ما أنزل فالتوراه ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في الفرقان مثلها، هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيتُه]

روي البخاري في صحيحه عن أبي سعيد بن المعلي - رضي الله عنه قال: كنت أُصلّي في المسجد فدعاني النبي صلّي الله عليه وسلّم فلم أجبه فقلت: يا رسول الله إنّي كنت أُصلّي فقال: ألم يقل الله (استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم) ثم قال لي: (لأُعلّمنّك سورة هي أعظم السور في القرآن قبل أن تخرج من المسجد) ثم أحذ بيدي، فلما أراد أن يخرج قلت: يا رسول الله ألم تقُل لي لأُعلّمنّك سورة هي أعظم السور في القرآن، قال: (الحمد لله رب العالمين) هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيتُه.

روي مسلم عن أبي هريره – رضي الله عنه عن النبي صلّي الله عليه وسلّم قال: [من صلّي صلاة لم يقرأ فيها بأُم القرآن فهي خداج (ثلاثاً) - غير تمام] فقيل لأبي هريرة: إنّا نكون وراء الإمام؟ فقال: اقرأ بها في نفسك، فإنّي سمعت رسول الله صلّي الله عليه وسلّم يقول: قال الله تعالي: (قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل) فإذا قال العبد: (الحمد لله رب العالمين) قال الله: حمدني عبدي، وإذا قال: (الرحمن الرحيم) قال الله تعالي: أثني علي عبدي، وإذا قال: (مالِكِ يوم الدين) قال الله: مجّدَني عبدي، فإذا قال: (إيّاكَ نعبُدُ وإيّاكَ نستعين) قال الله: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل؛ فإذا قال: (إهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالّين) قال الله: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل.

روي مسلم في صحيحه و النسائي في سننه عن ابن عبّاس قال: بينما رسول الله صلّي الله عليه وسلّم وعنده جبرائيل إذا سمع نقيضاً فوقه فرفع جبريل بصره إلي السماء فقال: هذا باب قد فُتِح من السماء ما فُتِحَ قط قال فنزل منه مَلَك فأتي النبي صلّي الله عليه وسلّم: (أبشر بنورَين قد أوتيتهما لم يؤتهما نبيّ قبلك فاتحة الكتاب وخواتيم سورة البقرة لم تقرأ حرفاً منها إلّا أوتيته) وهذا لفظ النسائي

روي مسلم عن عباده بن الصامت قال: قال رسول الله صلّي الله عليه وسلّم: [لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب].


[أعوذُ بالله من الشيطانِ الرجيم]
أجمع العلماء أن [أعوذُ بالله من الشيطانِ الرجيم] ليست آية، لكن النبي صلّي الله عليه وسلّم ما كان يقرأالقرآن الكريم إلا ويتعوذ بالله من الشيطان الرجيم إمتثالً لقوله تعالي: (فإذا قرأت القرآن فاستعِذ بالله من الشيطان الرجيم) 98 سورة النحل فالعلماء قالوا مندوب أن نقرأها في غير الصلاة وواجب أن نقرأها في الصلاة، فيجب أن نتعوذ بالله من الشيطان الرجيم في الصلاة و لكن سِرّاً بعد دعاء الإستفتاح، أى نقول: (سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك و تعالي جدّك و لا إله غيرك) سِرّاً،ثم نتعوذ بالله من الشيطان الرجيم سِرّاً.

و معني أعوذُ بالله من الشيطانِ الرجيم: أي ألتجئ إلي الله وأتحصّن به وأستجير من الشيطان الرجيم أن يضرّني في ديني أو دنياي.

(أعوذ): العوذ هو الإتجاء لقوي كي تتقي به الشر
(بالله): قيل هو اسم الله الأعظم الجامع للأسماء الحسني كلها
(الشيطان) قال ابن كثير: (الشيطان في لغة العرب كل متمرِّد من الجِن والإنس والدواب و كل شئ، و هو مشتق من شطن، إذا بعد فهو بعيد بطبعه عن طباع البشر و بعيد بفسقه عن كل خير – و قيل مشتق من شاط لأنه مخلوق من النار. والأول أصح، إذ عليه يدل كلام العرب، فالشيطان مشتق من البُعد عن الصحيح.
(الرجيم): أي مطرود من رحمة الله ومن كل خير – وقيل رجيم بمعني راجم، لأنه يرجم الناس بالوساوس والشكوك.
قال بعض العلماء: (وإنما خصّت القراءة بطلب الإستعاذة، مع أنه قد أمر بها علي وجه العموم في جميع الشؤون، لأن القرآن مصدر الهداية، والشيطان مصدر الضلال، فهو يقف للإنسان بالمرصاد، وفي هذا الشأن علي وجه الخصوص، فيثير أمامه ألواناً من الشكوك فيما يقرأ، وفيما يفيد من قراءته، وفيما يقصد بها، فيُفوِّت عليه الإنتفاع بهدي الله وآياته، علّمنا الله أن نتّقي ذلك كله بهذه الإستعاذة التي هي في الواقع عنوان صدق وتعبير حق عن امتلاء قلب المؤمن بمعني اللجوء إلي الله وقوة عزيمته في طرد الوسواس والشكوك واستقبال الهداية بقلب طاهر، وعقل واعٍ، وإيمان ثابت

والنبي صلّي الله عليه وسلّم كان يعوذ بالله من كل شئ و من دار يدخلها ومن دابّه يركبها، فكان إذا ركب دابّه يقول: [أعوذ بالله .. اللهم إني أسألك خير هذه الدابّه وخير ما خلقت له .. وأعوذ بك من شرها وشر ما خلقت له]
فالإنسان المؤمن من علامة إيمانه أنه دائماً يتعوّذ بالله من الشيطان الرجيم أن يضلّه أو أن يغويه أو يفسده أو يفتنه أو أن يحمله عن معصيته و يوسوس له ويبعده عن أهل الحق.

[بسم الله الرحمن الرحيم]
الاسم: اللفظ الذي يدل علي ذات أو معني، وقد اختلف النحويون في اشتقاقه علي وجهين، فقال البصريون: هو مشتق من السمو، وهو العلو والرفعة، فقيل: اسم، لأن صاحبه بمنزلة المرتفع به.
وقال الكوفيون: إنه مشتق من السمة و هي العلامة، لأن الإسم علامة لمن وُضِع له، فأصل إسم علي هذا (وسم).
ويري المحققون أن البصريين أرجح.
القرآن الكريم منذ اللحظة الأولي الذي نزل فيها نزل مقروناً بسم الله سبحانه وتعالي، ولذلك حينما نتلوه فإننا نبدأ البداية نفسها التي أرادها الله تبارك وتعالي، وهي أن تكون البداية بسم الله، وأول الكلمات التي نطق بها الوحي لمحمد صلّي الله عليه وسلّم كانت: [اقرأ بإسم ربك الذي خلق].

بركة وفضل بسم الله:
تُستحب في أول كل عمل وقول، فتُستحب في أول خطبة لما جاء "كل أمر لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أجذم. وتستحب البسملة في دخول الخلاء لما ورد من الحديث في ذلك، وتُستحب في أول الوضوء لما جاء في مسند الإمام أحمد والسنن من رواية أبي هريرة: لا وضوء لمن لا يذكر اسم الله عليه وهو حديث حسن. ومن العلماء من أوجبها عند الذكر ههنا و منهم من قال بوجوبها مطلقاً وكذا تُستحب عند الذبيحة في مذهب الشافعي وجماعة أوجبها آخرون عند الذكر.
تُستحب عند الأكل لما في صحيح مسلم أن رسول الله صلّي الله عليه وسلّم قال: قل بسم الله وكل بيمينك وكل مما يليك، وكذلك تُستحب عند الجِماعلما في الصحيحين عن ابن عبّاس أن رسول الله صلّي الله عليه وسلّم قال: (لو أن أحدكم إذا أراد لأن يأتي أهله قال بسم الله اللهم جنّبنا الشيطان و جنّب الشيطان ما رزقتنا فإنه إن يقدر بينهما ولد لم يضره الشيطان أبداً).
وقال الإمام أحمد ابن حمبل في مسنده عن عاصم قال: سمعت أبا تميمة يحدث عن رديف النبي صلّي الله عليه وسلّم (يجلس خلفه علي الدابّة) قال: عثر بالنبي صلّي الله عليه وسلّم: فقلت تعث الشيطان فقال النبي صلّي الله عليه وسلّم "لا تقل تعس الشيطان، فإنك إذا قلت تعس الشيطان تعاظم وقال بقوّتي صرعته، وإذا قلت بسم الله تصاغر حتي يصير مثل الذباب" هكذا وقع في رواية الإمام أحمد.

ولكن هل نحن مطالبون أن نبدأفقط تلاوة القرآن بسم الله؟ إننا مطالبون أن نبدأ كل عمل بسم الله، لإننا لا بد أن نحترم عطاء الله في كونه، فحين نزرع الأرض مثلاً لا بد أن نبدأ بسم الله لأننا لم نخلق الأرض التي نحرثها، ولا خلقنا البذرة التي نبذرها، ولا أنزلنا الماء من السماء لينموا الزرع، والإنسان لا قدرة له علي خلق الحبّة لتنموا وتصبح شجرة، ولا سلطان له علي إنزال الماء من السماء، فكأنه حين يبدأ العمل بسم الله، يبدؤه بسم الله الذي سخر له الأرض، وسخر له الحب، وسخر له الماء، وكلها لا قدرة له عليها ولا تدخل في طاقته ولا في استطاعته، كأنه يعلن أنه يدخل علي هذه الأشياء جميعاً بإسم الله من سخرها له. فأنت حين تبددأ كل شئ بسم الله كأنك تجعل الله في جانبك يعينك، ومن رحمة الله سبحانه وتعالي أنه علّمنا أن نبدأ كل شئ بسم الله، لأن (الله) هو الإسم الجامع لصفات الكمال سبحانه وتعالي، والفعل عادة يحتاج إلي صفات متعددة، فأنت حين تبدأ عملاً تحتاج إلي قدرة الله وإلي قوته وإلي عونه وإلي رحمته، فلو أن الله سبحانه وتعالي لم يخبرنا بالإسم الجامع لكل الصفات، كان علينا أن نحدد الصفات التي نحتاج إليها، كأن نقول بسم الله القوي وبسم الله الرزاق وبسم الله المجيب و بسم الله القادر وبسم الله النافع....إلي غير ذلك من الأسماء والصفات التي تريد أن تستعين بها، ولكن الله تبارك زتعالي جعلنا نقول: بسم الله الجامع لكل هذه الصفات.

غلي أننا لابد أن نقف هنا عند الذين لا يبدأون عملهم بسم الله وإنما يريدون الجزاء المادّي وحده، فهذا إنسان غير مؤمن لا يبدأ عمله بسم الله، وإنسان مؤمن يبدأ كل عمله وفي باله الله، كلاهما يأخذ من الدنيا لن الله رب الجميع، له عطاء الربوبية لكل خلقه الذين استدعاهم للحياة، ولكن الدنيا ليست هي الحياة الحقيقية للإنسان، بل الحياة الحقيقية هي اللآخرة، فالذي في باله الدنيا وحدها يأخذ بقدر عطاء الربوبية، بقدر عطاء الله في الدنيا والذي في باله الله يأحذ بقدر عطاء الله في الدنيا ولآخرة.
قال رسول الله صلّي الله عليه وسلّم : (كل امر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم أقطع) حديث حسن رواه ابن كثير عن أبي هريرة.
و معني أقطع أي مقطوع الذنب أو الذيل، أي عمل ناقص فيه شئ ضائع، لأنك حين لا تبدأ العمل بسم الله قد يصادفك الغرور والطغيان بأنك أنت الذي سخرت ما في الكون ليخدمك وينفعل لك، وحين لا تبدأ العمل بسم الله، فليس لك عليه جزاء في الآخرة فتكون قد أخذت غطاء في الدنيا وبترت أو قطعت عطائه في الآخرة،  فإذا كنت تريد عطاء الدنيا والآخرة فاقبل علي كل عمل بسم الله.
قبل أن تأكل قل بسم الله لأنه هو الذي خلق لك هذا الطعام و رزقك به، عندما تدخل إلي بيتك قل بسم الله لأنه هو الذي سخر لك هذا البيت، ففي كل عمل تفعله ابدأه بسم الله لأنها تمنعك من أي عمل يغضب الله سبحانه وتعالي، فأنت لا تستطيع أن تبدأ عملاً يغضب الله ببسم الله، إذا أردت أن تسرق أو تشرب الخمر وتذكرت الله فإنك ستمتنع عنه، ستستحي أن تبدأ عملاً بسم الله يغضب الله، و هكذا ستكون أعمالك كلها فيما أباحه الله.
الله تبارك وتعالي حين نبدأ قراءة كلامه بسم الله، فنحن نقرأ هذا الكلام لأنه من الله، والله هو الإله المعبود في كونه، ومعني معبود أنه يُطاع فيما يأمر به ولا نقدم علي ما نهي عنه،فكأنك تستقبل القرآن الكريم بعطاء الله في العبادة و بطاعته في إفعل ولا تفعل، وهذا هو المقصود أن تبدأ قراءة القرآن بسم الله الذي آمنت به ربّاً وإلهاً والذي ستقف أمامه يوم القيامة ليحاسبك أحسنت أم أسأت، فالبداية من الله، والنهاية الي الله سبحانه وتعالي.
بعض الناس يسأل كيف أبدأ بسم الله وقد عصيت وقد خالفت؟ نقول له إيّاك أن تستحي أن تقرأ القرآن وأن تبدأ بسم الله إذا كنت قد عصيت، ولذلك أعطانا الله السبب بأن نبدأ القرآن الكريم بسم الله الرحمن الرحيم، فالله سبحانه وتعالي لا يتخلّي عن العاصي، بل يفتح له باب التوبة و يحثه عليها و يطلب منه أن يتوب وأن يعود إلي الله فيغفر ذنبه، لأن الله رحمن رحيم، فلا تقل أنني أستحي أن أبدأ سسم الله لأنني عصيته، فالله سبحانه وتعالي يطلب من كل عاصي أن يعود إلي حظيرة الإيمان وهو رحمنٌ رحيم.

0 Comments:

Post a Comment

Note: Only a member of this blog may post a comment.